أهمية وصول الماء لجميع أعضاء الوضوء
يجب أن يصل الماء إلى جميع أجزاء عضو الوضوء؛ ومما يدل على ذلك من السنة النبوية:
عَنْ خَالِدِ بنِ معدان: " عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ " رواه أبو داود (175) وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (1 / 127).
وقد اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة على أنه يشترط لصحة الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الأعضاء. ينظر: "الموسوعة الفقهية" (43/329).
تصنيف المواد التي تمنع وصول الماء إلى البشرة
تعيين المواد التي تمنع وصول الماء إلى البشرة مرجعه إلى الواقع، وقد تأمل أهل العلم ذلك، وخلصوا إلى أن المواد على نوعين:
- النوع الأول: المواد التي لها "جِرم": أي تبقى على شكل طبقة، فعندما توضع على الجسم تبقى قائمة بنفسها متماسكة الأجزاء، ويمكن إزالتها بتقشير أو مسح. ومن أمثلة ذلك: المواد الشمعية والطلاء.
فهذه المواد التي لها جرم:
- إما أن تكون غير مقاومة للماء، كمثل بعض المكياج والبودرة، فهذه يكفي المتوضئة أن تدلك البشرة جيدا حتى يغلب على ظنها وصول الماء إليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وأما دلك البدن في الغسل ودلك أعضاء الوضوء فيه: فيجب إذا لم يعلم وصول الطَّهور [أي: الماء] إلى محله بدونه، مثل باطن الشعور الكثيفة، وإن وصل الطهور بدونها فهو مستحب...
ولأن بالتدليك يحصل الإنقاء، ويتيقن التعميم الواجب، فشرع، كتخليل الأصابع في الوضوء " انتهى من " شرح عمدة الفقه " (1 / 367 – 368).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" الواجب في الوضوء والغسل: أن يُمِرَّ الماء على جميع العضو المطلوب تطهيره، وأما دلكه فإنه ليس بواجب، لكن قد يتأكد الدلك إذا دعت الحاجة إليه، كما لو كان الماء بارداً جداً، أو كان على العضو أثر زيت، أو دهن، أو ما أشبه ذلك، فحينئذٍ يتأكد الدلك؛ ليتيقن الإنسان من وصول الماء إلى جميع العضو الذي يراد تطهيره ". انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (3 / 94).
- وإما أن تكون هذه المواد مقاومة للماء: كما هو حال بعض المكياج، فهذه يجب ازالتها قبل الوضوء ليتحقق وصول الماء إلى البشرة أثناء الوضوء.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" قال أصحابنا: فلو أذاب في شقوق رجليه شحما أو شمعا أو عجينا أو خضبهما بحناء وبقي جرمه لزمه إزالة عينه لأنه يمنع وصول الماء إلى البشرة " انتهى من " المجموع " (1 / 426).
- النوع الثاني: المواد التي "لا جِرم لها": أي لا تشكل طبقة، وإنما بمجرد وقوعها أو وضعها على الجسم تفقد تماسكها وتنحل، وتتشربها البشرة، ولا يبقى لها جسم قائم بذاته، وإنما يبقى أثرها كاللون مثلا.
مثل غالب الكريمات والزيوت وأثر الكحل والحناء ونحو هذا، فوجود هذه المواد لا يبطل الوضوء، لكن إذا كانت المادة دهنية أو زيتية فعلى المتطهر أن يحسن دلك البشرة ليغلب على ظنه وصول الماء إليها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" أما إذا كان الدهن ليس له جرم، وإنما أثره باقٍ على أعضاء الطهارة، فإنه لا يضر، ولكن في هذه الحالة يتأكد أن يمر الإنسان يده على الوضوء لأن العادة أن الدهن يتمايز معه الماء، فربما لا يصيب جميع العضو الذي يطهره ". انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (11 / 147).
نوصي بقراءة هذه الأجوبة لمزيد من الوضوح: (104354، 364866، 202874، 426969، 81685، 120759، 113725، 88179، 69817، 39493، 113647).
والله أعلم.