أولا:
المريض إذا كان يرجى برؤه: فإنه يفطر، ويقضي؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ البقرة/184.
وإذا كان لا يرجى برؤه: فإنه يفطر، ويطعم؛ لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ البقرة/184.
روى البخاري (4505) عن ابْنُ عَبَّاسٍ قال: "لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا".
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: " بَاب قَوْلِهِ: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) ...
وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ: إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ، فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ، عَامًا أَوْ عَامَيْنِ، كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا وَلَحْمًا، وَأَفْطَرَ ".
واختلف الفقهاء في القدر الواجب من الطعام، والمفتى به أنه نصف صاع عن كل يوم، وذلك يعادل كيلو ونصف الكيلو تقريبا، فيجزئ عن الشهر إخراج 45 كيلو من الأرز، يجوز إعطاؤها لمسكين واحد، أو لعدة مساكين، كما يجزئ أن يصنع طعاما، أو يخرج ثلاثين وجبة من الطعام، كما فعل أنس رضي الله عنه.
ولا يصح إخراج هذه الفدية نقودا عند جمهور العلماء. وينظر: جواب السؤال رقم: (39234)، ورقم: (93243)
ويجوز إعطاء النقود لمن يتولى إخراج الطعام للمساكين.
ثانيا:
الفدية واجبة في مال امرأة عمك إن كان لها مال، فإن لم يكن لها مال سقطت عنها في أرجح قولي العلماء، ولا يلزم زوجها ولا غيره الإخراج عنها.
فإن تبرع أحد بذلك وأعطاها الفدية لتخرجها، أو أخرجها بعد إعلامها: جاز.
وينظر: جواب السؤال رقم: (93243).
ثالثا:
يلزم الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن زوجته، وعمن تجب عليه نفقته من أولاده.
قال في "منار السبيل" (1/ 200): "(وتلزمه عن نفسه، وعن من يمونه من المسلمين)، كزوجة وعبد وولد، لعموم حديث ابن عمر: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصدقة الفطر عن الصغير، والكبير، والحر، والعبد ممن تمونون. رواه الدارقطني" انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة: "هل يلزم الزوج فطرة الزوجة التي بينه وبينها نزاع شديد أم لا ؟
فأجابوا: " زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة ، لوجوب نفقتها عليه " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (9/ 367).
فزكاة الفطر عن امرأة عمك تلزم زوجها.
وأولاد عمك إن كان لهم مال فالزكاة عليهم، فإن لم يكن لهم فزكاتهم على أبيهم.
رابعا:
ما ذكرناه هو الأصل، لكن من تبرع بنفقة إنسان شهر رمضان، لزمته فطرته عند بعض أهل العلم، وهو مذهب الحنابلة.
قال في "كشاف القناع" (2/ 249): "(ومن تبرع بمؤنة مسلم شهر رمضان كله: لزمته فطرته) نص عليه في رواية أبي داود وغيره، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أدوا صدقة الفطر عمن تمونون. وروى أبو بكر بإسناده عن علي قال: "زكاة الفطر: على من جرت عليه نفقتك"؛ وهذا يعم من يمونه وينفق عليه تبرعا.
فإن تبرع بمؤنته بعض رمضان ولو آخره، لم تلزمه لظاهر النص" انتهى.
والجمهور على أنه لا يلزمه ذلك، واختاره ابن قدامة رحمه الله.
قال النووي رحمه الله : "لو تبرع إنسان بالنفقة على أجنبي، لا يلزمه فطرته بلا خلاف عندنا، وبه قال مالك وأبو حنيفة وداود، وقال أحمد: تلزمه" انتهى من "المجموع" (6/ 100).
وقال ابن قدامة في "المغني" (3/ 93): " واختار أبو الخطاب: لا تلزمه فطرته؛ لأنه لا تلزمه مؤنته، فلم تلزمه فطرته، كما لو لم يَمُنْه.
وهذا قول أكثر أهل العلم، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
وكلام أحمد في هذا محمول على الاستحباب، لا على الإيجاب، والحديث محمول على من تلزمه مؤنته، لا على حقيقة المؤنة، بدليل أنه تلزمه فطرة الآبق، ولم يمنه" انتهى.
وحديث ( أدوا صدقة الفطر عمن تمونون ) حديث ضعيف ، ضعفه الدارقطني والبيهقي والنووي وابن حجر وغيرهم .
انظر: "المجموع" ( 6 / 113) ، و "تلخيص الحبير.( 2 / 771) "
وعليه؛ فلا يلزمكم فطرة امرأة عمك، ولا أولاد عمك، ولو أنفقتم عليهم شهر رمضان كاملا.
والله أعلم.