أولا:
من كان له مال، فنفقته في ماله، حتى لو كان صغيرا، فينفق عليه وليه من ماله، ما لم يتبرع الأب أو غيره بالإنفاق.
قال ابن قدامة رحمه الله: " (ويجبر الرجل على نفقة والديه، وولده، الذكور والإناث، إذا كانوا فقراء، وكان له ما ينفق عليهم) ...
وأما الإجماع، فحكى ابن المنذر قال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم" انتهى من "المغني" (8/211).
وفي "الموسوعة الفقهية" (41/79): " يشترط لوجوب نفقة الأولاد أربعة شروط:
الشرط الأول: أن يكونوا فقراء، لا مال لهم، ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم عليهم.
فإن كانوا موسرين بمال أو كسب، فلا نفقة لهم، لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة ... " انتهى.
ثانيا:
إذا كنتما تعيشان مع الوالدين، أو أحدهما وتشاركان في النفقة غير الأساسية، وتحصلان من البيت على نفع متساو، فإنكما تتساويان فيما تدفعانه؛ لئلا يقع الوالد أو الوالدة في الجور.
ولا عبرة بتفاوت الراتب، ولكل منكما رزقها. ما لم تتبرع صاحبة الراتب الأعلى، بالمشاركة بأكثر من أختها.
ووجه ما ذكرنا: أنه إذا كانت النفقات الأساسية من الأهل، وأنتما تساعدان، وتحصلان على نفع متساو، فلو طلب من إحداكما أكثر من الأخرى، كأن طلب منك 100 ومن أختك 50، كان إسقاط الـ 50 عن أختك هبة وتبرعا، والوالدان يلزمهما العدل في الهبة؛ لما روى البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لَا قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.
وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).
وأما إن أُخذ من كل واحدة على قدر نفقتها-لا على قدر راتبها- فلا حرج؛ لأن الأصل أنها تنفق على نفسها.
وإن تبرع الأهل بجزء من النفقة الأساسية، وأخذ منكما بقية هذه النفقة، فإنه يؤخذ من كل واحد قدر نفقتها؛ لأنه يحصل تفاوت في النفقة بحسب العمر وغيره.
ثالثا:
وأما إن كان المقصود: أنكما تشاركان في تحمل نفقة البيت الأساسية؛ بحيث يزيد ما تشاركان به على ما تحتاجانه فعلا من نفقة خاصة بكما، فتشاركان فيما هو لازم لنفقة الوالدين، أو نفقة الإخوة الصغار الذين لا كسب لهم؛ فهذا القدر من النفقة الزائدة: اختلف الفقهاء فيه، هل يوزع على القادرين من الأبناء، بحسب نصيبهم من الميراث، أم بحسب يسار كل واحد منهم، وإعساره؛ فمن كان ماله، أو راتبه أكثر، تحمل بقدر ذلك، ولم يلزم أن يساويه في النفقة من كان أقل منه مالا؟
وقد سبق ذكر الخلاف في ذلك في الموقع، واستظهار مذهب المالكية في ذلك، وأن النفقة توزع بحسب اليسار والإعسار. ينظر جواب السؤال رقم: (210584).
وينظر أيضا للفائدة: جواب السؤال رقم: (465171)، ورقم: (354950).
وبناء على هذا القول، فإن النفقة الزائدة عن حاجتك، وحاجة أختك: توزع بينكما بحسب راتب كل واحدة منكما؛ فإذا قدر أن إحداكما راتبها ألف، والأخرى ألفان؛ أخذ من الأولى: سهم، ومن الأخرى سهمان.
والله أعلم.