بداية احرص على توجيه النصح لأختك وتذكيرها بأن ما تفعله إلى جانب كونه إثما، فإن فيه إيذاء للآخرين بإجبارهم على سماع المحرم.
كما أن إعلانها بهذا يدخل في المجاهرة بالمعصية، وفي الحديث عن أبي هُرَيْرَةَ قال:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ رواه البخاري (5721)
ثانياً:
الذي يظهر والله أعلم، أنه إذا لم يمكن منع أختك من سماع الأغاني والتشويش على من في المنزل، بالكلية، فإن وضع السماعة أخف لضررها وأذاها، وإذا كانت سوف تسمع الأغاني بكل حال؛ فاستعمال السماعة، ولو كانت سماعتك أنت، أحسن, وأخف شرا، وأدفع لضررها وأذاها. وليس عليك إثم في استعمالها لسماعتك، إن شاء الله، لأنك لم ترد بذلك إعانتها على المنكر، بل قصدت: تخفيف المنكر الموجود بسماعتك، أو من دونها.
والمتقرر عند أهل العلم أنه في حال تحتم وجود إحدى المفسدتين فإنه يُختار أهون الشَّرين، والضرر الأشد يزال بالضرر الأخف. ينظر " القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (1/ 226) "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"إذا كان قوم على بدعة أو فجور، ولو نهوا عن ذلك، وقع بسبب ذلك شر أعظم مما هم عليه من ذلك، ولم يمكن منعهم منه، ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة= لم يُنْهَوا عنه" انتهى من " مجموع الفتاوى" (14/472).
وقال ابن القيم رحمه الله :
" إنكار المنكر أربع درجات :
الأولى: أن يزول ويخلفه ضده (وضده هو المعروف) .
الثانية : أن يقل، وإن لم يزل بجملته .
الثالثة : أن يخلفه ما هو مثله .
الرابعة : أن يخلفه ما هو شر منه .
فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد ، والرابعة محرمة .
فإذا رأيت أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج، كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة، إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله ، كرمي النُّشَّاب (السهام) ، وسباق الخيل ، ونحو ذلك .
وإذا رأيت الفساق قد اجتمعوا على لهو ولعب أو سماع مكاء وتصدية ، فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد ، وإلا كان تركهم على ذلك خيرا من أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك ، فكان ما هم فيه شاغلا لهم عن ذلك" انتهى من " إعلام الموقعين " (3/12-13).
ومما سبق بيانه: فإنّ ترك أختك تستخدم سماعتك لتكف عن الباقين سماع الأغاني هو الموافق للقواعد الشرعية، وليس عليك إثم في ذلك، إن شاء الله.
لكننا نرى مع ذلك: أن ترك السماعة، بحيث تأخذها هي، أحسن وأخف من تناولها أنت لها، أو تصرح لها باستعمالها.
والله أعلم.