من كان لديه مال في محفظته الإلكترونية، وأراد نقدا، يأخذه من غيره، فهذه عملية صرف، ولها حالان:
الأولى: أن يريد نقدا من العملة نفسها، فيشترط شرطان: التماثل، والتقابض في المجلس، بأن يستلم النقود، وتدخل نقوده إلى حساب الطرف الآخر في مجلس واحد.
ولا يجوز حينئذ أخذ عمولة مهما قلّت؛ لاشتراط التساوي.
الثانية: أن يريد نقدًا بعملة أخرى، فيشترط شرط واحد وهو التقابض في المجلس، والتقابض هنا: أن يحول المبلغ إلى محفظتك في نفس المجلس. ولا يشترط التساوي، كأن يبدل مائة دينار بريالات أكثر أو أقل.
والأصل في ذلك: ما روى مسلم (1588) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا .
وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ رواه مسلم (1587).
والعملات والنقود لها ما للذهب والفضة من الأحكام.
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " ما نصه:
"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا، والزكاة، والسلم، وسائر أحكامهما" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الثالث ج 3 ص 1650، والعدد الخامس ج 3 ص 1609).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 444): " إذا كان التبادل بين عملتين من جنس واحد، وجب التساوي بينهما، والتقابض بالمجلس، وحرم التفاضل بينهما، وحرم تأخير القبض فيهما، أو في إحداهما شرعا. وإذا كانتا من جنسين، جاز التفاضل بينهما شرعا، سواء كان ذلك في السوق السوداء أم في غيرها، وحرم تأخير بعضهما أو إحداهما.
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى.
وعليه؛ فإذا كان هذا الشخص سيأخذ المال بعملة أخرى، فلا حرج في أخذك العمولة؛ لعدم اشتراط التماثل.
وإذا كان سيأخذ عملة من جنس ما دفع، وجب التساوي، وحرم أخذ زيادة، سواء سميت عمولة أو غير ذلك.
والله أعلم.