المرض الذي يصح معه الفطر في رمضان: هو الذي لا يقدر المريض معه على الصوم، أو يقدر عليه لكن بجهد ومشقة من أجل مرضه، أو يخاف على نفسه التلف، أو ذهاب عضو، أو أن الصوم مما يزيد في مرضه، أو يخاف تمادي المرض به، أو تباطؤ برئه.
وقد سبق بيان ذلك في الموقع فيرجع إليه: (12488)
فإذا أخبرك الطبيب الثقة: بأن في الصيام ضررًا عليك، فيجوز لك الفطر؛ بل قد يجب في بعض الحالات إذا كان الصيام يعرض حياتك أو صحتك العامة للخطر.
قال القرطبي رحمه الله:
"للمريض حالتان: إحداهما: ألا يطيق الصوم بحال، فعليه الفطر واجباً.
الثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فهذا يستحب له الفطر ولا يصوم" انتهى من " تفسير القرطبي" (2/267).
وقال الشوكاني:
"للمريض حالتان: إن كان لا يطيق الصوم، كان الإفطار عزيمة.
وإن كان يطيقه مع تضرر ومشقة: كان رخصة، وبهذا قال الجمهور" انتهى من "فتح القدير" (1/180).
ثانياً:
الأيام التي أفطرتِ فيها فترة مرضك الذي يرخَّص لك الفطر لأجله: كفارتها هي الإطعام، لأنّ مرض السكري: من الأمراض المزمنة، حسب تشخيص الأطباء لحالتك.
وهكذا ما أفطرت لأجل حيضتك، فإنك تطعمين بدلا عنها، لأن الإطعام هو الواجب عليك من حيث الأصل، بسبب مرضك، لا الصيام.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"والمريض الذى لا يرجى برؤه، يفطر، ويطعم لكل يوم مسكينا؛ لأنه في معنى الشيخ" انتهى من "المغني" (4/ 396).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً لا يرجى زواله - كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، كصاحب السرطان ونحوه - فلا يجب عليه الصيام، لأنه لا يستطيعه. وقد قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16. وقال: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) البقرة/286.
لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكيناً " انتهى من في "مجالس رمضان" (ص:32).
فما أطعمتِه بدل تلك الأيام: يعتبر مجزئاً وبدلا عن الصيام، وليس عليك قضاء تلك الأيام.
وقد سبق بيان مقدار الفدية الواجبة بدلا عن الصوم: (49944).
أما بالنسبة لما تستقبلين من أمرك: فانظري في حالك؛ فإن كان يلحقك مشقة بسبب المرض، أو كان الصوم يؤثر على حالتك الصحية: فالرخصة أوسع لكِ، وفي الحديث أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ رواه أحمد (5832)، وصححه الألباني في الإرواء (564).
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "مَا خُيِّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرهمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاس مِنْه" رواه البخاري (6786)، ومسلم (2327).
وإن كان الصوم سيضرك، ويؤدي إلى تفاقم الحالة، أو تضرر بعض الأعضاء: فلا يجوز لك الصوم، وقد يلحقك الإثم بسببه.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء/1" (9/83):
"يرخص للمريض الذي يشق عليه الصوم وللمسافر أن يفطرا في نهار رمضان؛ لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ البقرة/185 .
ولو صاما فإن صيامهما صحيح؛ لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ رضي الله عنه قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ رواه الجماعة.
لكن إذا خشيا على نفسيهما من الصوم: وجب الفطر، لحديث جابر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: (ليس من البر الصوم في السفر)" انتهى.
وعليك تقدير هذا الأمر باستشارة الأطباء المختصين الذين يعرفون حالتك المرضية.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (11107)، ورقم: (107305).
والله أعلم.