0 / 0
12919/ذو الحجة/1446 الموافق 15/يونيو/2025

ما حكم الاتفاق مع الشريك على أن له نصف الربح إن أنجز المشروع في سنة، وثله إن زاد عن سنة؟

السؤال: 547529

اتفق رب المال مع العامل على نسبة معينة من الربح؛ كثلث، واتفقا على زيادة هذه النسبة من الربح للعامل إلى النصف إذا أنجز المشروع في مدة سنة، وإن زادت مدة المشروع على سنة فتبقى النسبة المتفق عليها كما هي بدون زيادة للعامل، فما حكم ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولاً:

صورة المسألة: هي شركة مضاربة: وهي دفع مال لمن يتجر به.

فقال صاحب المال للعامل: إن أنجزت المشروع في سنة كاملة فلك نصف الربح، وإن لم تنجز في سنة؛ وزادت مدة المشروع أكثر من سنة فليس لك إلا النسبة المتفق عليها؛ وهي الثلث.

ومن شروط المضاربة تحديد نسبة معلومة من الأرباح، كأن تقول : لك 30 % من الأرباح سنوياً، وكما بيّن السائل فإن هذا الشرط قد تحقق. وانظر: فتوى رقم: (145177).

ثانياً:

تعليق زيادة الربح على إنجاز عمل في مدة معينة هو من التحفيز المشروط، وليس فيه غرر ولا جهالة؛ فإذا وُجد المشروط حصل الشرط. والوعد يجب الوفاء به.

فالعقد صحيح والشرط جائز؛ فإن اشتراط زيادة نسبة ربح المضارب فيما إذا أتم البيع في سنة، فهو شرط جائز، بشرط أن تكون نسبة الربح معلومة ومحددة عند العقد (كثلث)، وأن تكون الزيادة في النسبة مشروطة بتحقيق أمر واضح لا يؤدي إلى نزاع وليس فيه جهالة أو غرر. وهذا حاصل في صورة السؤال.

ومدار المعاملات المحرمة على : الرّبا والظلم والغرر، وما أدى إلى التنازع. انظر: "الشرح الممتع" (9/ 53)، (8/ 200)، (9/ 79). ومعاملتنا ليس فيها شيء من ذلك.

وجاء في قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي 1 - 174 (ص: 216):

"لا مانع شرعا من وضع معدل متوقع للربح  والنص على أنه إذا زاد الربح المتحقق عن تلك النسبة يستحق المضارب جزءا من تلك الزيادة ، وهذا بعد أن يتم تحديد نسبة ربح كل من الطرفين ، مهما كان مقدار الربح".

ولا يمنع من هذا كون العامل أو البائع لا يدري هل سينجز العمل في سنة أو لا، مع إمكانية ذلك.

فتحديد زمن معين في التحفيز المشروط نظير مسألة من قال: "بع هذا بكذا فما زاد فهو لك"؛ فالذي سيبيع لا يدري كم سيأخذ. وهو جائز على الراجح إذا كان الموكل عالماً بالسعر. لقول ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : "لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا بِكَذَا وَكَذَا، فَمَا زَادَ فَلَكَ". رواه الإمام عبد الرزاق في "مصنفه" (7/30) رقم (15842)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (4/ 302) رقم (20397)، وراه البخاري معلقاً بصيغة الجزم في  "باب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ من صحيح البخاري"(3/120). وقال البخاري بعدها:

"وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهْوَ لَكَ ، أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ،

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ " انتهى.

والأثر عن ابن عباس صحيح كما في "ما صح من آثار الصحابة في الفقه" (2/ 923).

قال الإمام عبد الرزاق في "مصنفه" (7/30): "أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَأَيُّوبَ، وَابْنِ سِيرِينَ كَانُوا لاَ يَرَوْنَ بِبَيْعِ الْقِيمَةِ بَأْسًا، أَنْ يَقُولَ: بِعْ هَذَا بِكَذَا وَكَذَا، فَمَا زَادَ فَلَكَ" انتهى.

وكذا رواه عبد الرزاق بسنده عن الحسن البصري والشعبي. رحم الله الجميع.

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/86) : " إذا قال : بع هذا الثوب بعشرة , فما زاد عليها فهو لك صح , واستحق الزيادة.

وقال الشافعي : لا يصح .

ويدل لصحة هذا : أن ابن عباس كان لا يرى بذلك بأسا , ولأنه يتصرف في ماله بإذنه , فصح شرط الربح له , كالمضارب والعامل في المساقاة " انتهى .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"إذا وكل البائع شخصًا وقال: بع هذه السلعة بمائة ريال مثلاً، وما زاد فهو لك، فما حكم ذلك؟

الجواب: جائز بشرط أن يكون الموكل عالمًا بالسعر، وأما إذا كان يجهل السعر فيجب على الوكيل أن يُعْلِم الموكل بالسعر. فقلت له: إذا كانا جميعاً يجهلان السعر فقال رحمه الله: هذا ينبني على مسألة الغبن" انتهى من "الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين" (ص: 120).

وانظر: فتوى: (121386).

ثم إن الأصل في المعاملات الإباحة، وهذه القاعدة يصار إليها في الاستدلال بشرطين، وهما حاصلان في مسألتنا:

الشرط الأول: عدم النصوص الجزئية على المسألة.

الشرط الثاني: عدم مخالفته أصلاً من أصول العقود المنهي عنها.

انظر: ملخص كتاب : "ملتقى المرابحة بربح متغير" د. يوسف الشبيلي (ص:9).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
ما حكم الاتفاق مع الشريك على أن له نصف الربح إن أنجز المشروع في سنة، وثله إن زاد عن سنة؟ - الإسلام سؤال وجواب