270

أعطاه هدية، ثم طلب منه قرضًا، فهل تحل له الهدية؟

السؤال: 526347

احتجت لجهاز شحن للهاتف النقال، فطلبته في الصباح من شخص؛ لعلمي إنه يملك أكثر من قطعة، فأعطاني قطعتين لاختار منهما الذي ينفعني، ولم نتفق على السعر، اتصل بي هذا الشخص في وقت العصر ليخبرني بأني يمكنني أن أخذه مجانا، ولكنه طلب مني أن أقرضه مبلغا من المال، مع العلم بأني لم أشترط عليه أن يعطيني الشاحن مقابل أن أقرضه المال؛ لأني لم أعلم أنه بحاجة لقرض أصلا، ولأني أقرضته عدة مرات سابقا.
السؤال:
هل أخذي لشاحن الهاتف يجعل القرض ربويا؟ وعلى افتراض أن القرض ربوي فإني حاولت معالجة هذه المشكلة، فقمت بأخذ مبلغ القرض من أحد أفراد عائلتي، وأعطيته لذلك الشخص، وأخبرته بأن مال القرض ليس مني؛ حتى أخرج نفسي عن مشكلة الفائدة، باعتباري أخذت منه شاحن الهاتف، فهل ما قمت به صحيح؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

يحرم اشتراط هدية أو منفعة في القرض، وذلك ربا.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/241): " وأجمع المسلمون، نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم: أن اشتراط الزيادة في السلف ربا؛ ولو كان قبضة من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده: فهو حرام؛ بغير خلاف.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستسلف زيادة، أو هدية، فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.

وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/ 436).

ثانيا:

إذا كانت المنفعة بلا شرط، بل على سبيل الإهداء والإكرام، وكانت قبل سداد القرض، ففيها نفصيل:

1-فإن جرت العادة بينكما بذلك، أن تهديه، ويهديك، فلا حرج.

2-وإن لم تجر العادة بينكما بمثل هذا الإهداء، فهو محرم؛ لأنه لأجل القرض، فلا يجوز قبل الهدية حينئذ إلا أن تعوضه عنها، أو تخصم قيمتها من الدين.

3-وإن كانت الهدية عند سداد القرض، فلا حرج؛ لما روى البخاري (2390)، ومسلم (1601) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: (دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ) وَقَالُوا: لاَ نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: (اشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً).

قال ابن قدامة رحمه الله: " وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا، كان أبلغ في التحريم.

وإن فعل ذلك من غير شرط، قبل الوفاء: لم يقبله، ولم يجز قبوله، إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض؛ لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سمّاك عشرون درهما فجعل يهدي إليه السمك ويقوّمه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم.

وعن ابن سيرين، أن عمر أسلف أُبي بن كعب عشرة آلاف درهم، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه، فردها عليه، ولم يقبلها، فأتاه أُبي، فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، وأنه لا حاجة لنا، فبم منعت هديتنا؟ ثم أهدى إليه بعد ذلك، فقبل.

وعن زِرِّ بن حبيش، قال: قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد، إلى العراق. فقال: إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا، فإن أقرضت رجلا قرضا، فأتاك بقرضك ومعه هدية، فاقبض قرضك، واردد عليه هديته. رواهما الأثرم.

وروى البخاري، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام. وذكر حديثا. وفيه: ثم قال لي: إنك بأرض فيها الربا فاش، فإذا كان لك على رجل دين، فأهدى إليك حمل تبن، أو حمل شعير، أو حمل قت، فلا تأخذه، فإنه ربا.

قال ابن أبي موسى: ولو أقرضه قرضا، ثم استعمله عملا، لم يكن ليستعمله مثله قبل القرض، كان قرضا جر منفعة...

فإن أقرضه مطلقا من غير شرط، فقضاه خيرا منه في القدر، أو الصفة، أو دونه، برضاهما، جاز... ورخص في ذلك ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن، والنخعي، والشعبي، والزهري، ومكحول، وقتادة، ومالك، والشافعي، وإسحاق" انتهى من "المغني" (4/241).

وجاء في المعايير الشرعية، ص 325: "لا يجوز للمقترض تقديم عين أو بذل منفعة للمقرض في أثناء مدة القرض، إذا كان ذلك من أجل القرض؛ بأن لم تكن العادة جارية بينهما بذلك قبل القرض" انتهى.

وعليه فإذا لم تجر العادة بينكما بالإهداء، فلا يجوز أن تأخذ الشاحن مجانا، حتى لو جرت العادة بينكما بالقرض قبل ذلك؛ بل تشتريه بثمن مثله دون محاباة.

وينظر جواب السؤال (522181)

ولو حسبت قيمة الشاحن الذي أخذته من صاحبك، وأعطيتها له، بكل حال؛ لكان أحوط لك، وأبرأ لذمتك؛ لا سيما وقد طلب منك القرض، عند طلبك الشاحن منه، وأعطاه لك مجانا؛ فالشبهة قائمة، ظاهرة؛ إن يكون ذلك لأجل القرض الذي طلبه منك.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android